← Back Published on

"حروف غامضة"

استضاف معرض الكتاب الدولي في الشارقة، مساء أمس الإثنين، الدكتور السعودي أحمد حسين عسيري والمؤلفة الكندية كيه جيه هاو، في ندوة بعنوان "حروف غامضة". حيث انقسم وقت الندوة بين كلا المحاضرين. فتحدث كلٌ منهم عن أهمية عنصر التشويق والإثارة في الأدب بشكلٍ عام، ومن ثم تطرقوا إلى الجانب الخاص من أدب الغموض.

إذ قالت هاو "إنني أعمل دائماً على جعل كتاباتي مشوقة وجذابة، بحيث إذا بدأ القارئ بقراءة أول صفحة أضمن أنه لن ينم حتى ينتهي من قراءة ذلك القسم". ففي رواياتها تهدف هاو دائماً لتقسيم الكتاب إلى عدة أقسام قصيرة، لها بداية ونهاية مثيرة. كما هي الحال مع رواية ’وسيط الحرية‘ وسلسلة ’سكاي جاك‘ الأكثر مبيعاً.

تستكمل هاو حديثها عن كتبها، فتنقلنا إلى عالم الظلمات، وعالم الاختطاف. أمضت هاو وقتاً طويلاً في البحث عن مشكلة اختطاف السياح وقامت بمقابلة الرهائن السابقين، واستطاعت من خلالهم نقل المعاناة الحقيقة، فتخلق في رواياتها حالة الغموض والرعب والتشويق في آنٍ واحد.

كما تركز هاو في كتاباتها بأخذ القارئ إلى مدن وحضارات مختلفة. وقالت "أهدف دائماً بأخذ القارئ في رحلة لاستكشاف العالم. حتى إذا قمتم بزيارة موقعي الإلكتروني ستجدون أنّ خريطة العالم شيء أساسي عندي". وحين سئلت عن سبب كتابتها عن الاختطاف أفادت "أنّ الاختطاف شيء جديد في الأدب، فمعظم الروايات تتكلم عن القتل والسرقة".

ومن ثم شرح الدكتور أحمد تاريخ مصطلح الغموض والتشويق، معرفاً "أن الغموض هو الإبهام أو الإخفاء، واصطلاحاً هو إخفاء المشاعر عن الآخرين". مشيراً إلى أن الغموض والتشويق مرتبطان بثلاثة مصادر هم: أدب الخيال العلمي، وأدب الرعب، وأدب الجريمة.

فأوضح قائلاً "إنّ أدب الخيال العلمي مرتبط بالنظريات العلمية بشكل متكامل، خاصةً بالنظريات الفيزيائية." فمثلما نرى في العديد من الأفلام والروايات الخيالية كفيلم غزو الفضاء والأطباق الطائرة، يتم التحكم بجاذبية الأرض والأبعاد الزمنية والمكانية لعكس عنصر الإثارة والإبهار. مضيفاً على ذلك "أنّ النظريات البيولوجية، أيضاً، تلعب دوراً مهماً في تشكيل حس التشويق." بحيث تعكس بعض الشخصيات الأدبية قدرة الإنسان على التلاعب بهندسة الجينات الوراثية وتحويلها، لنرى تأثيرها على الخلايا. كما في قصة الرجل الذئب والتغيرات البيولوجية التي تطرأ على الشخصية أثناء ظاهرة اكتمال القمر. ويستعرض عسيري عدداً من رواد الأدب الخيال العلمي، أهمهم المؤلف الفرنسي جول فيرن كاتب رواية ’عشرون ألف فرسخ تحت الماء‘ و’من الأرض إلى القمر‘ التي تنبأ فيها بالوصول إلى القمر قبل نحو مئة عام من وصول نيل أرمسترونج إلى سطح القمر.

وينتقل عسيري للتحدث عن أدب الرعب، مبيناً "أنّ الرعب ناتج عن التأثيرات التي تطرأ على غريزة الخوف والإنبهار والدهشة الكامنة لدى الإنسان". ومن أشهر الكتّاب في هذا النوع الأدبي هم الكاتب الأيرلندي برام ستوكر عن روايته ’دراكولا‘، التي تم تبانيها لإنتاج فيلم سينمائي. بذلك لم يقتصر فن أدب الرعب على الروايات بل انشهرت بدور السينما كفيلم ’فرايداي 13‘ للمخرج الأمريكي سين كونينغهام.

ومن ثم يغوص في أبرز مصدر للتشويق والغموض، وهو أدب الجريمة. مؤكداً "أنّ النص الجرائمي موجود منذ الأزل بداية من قصة قابيل وهابيل، إلى العصور الوسطى حين ظهرت اللصوص الحقيقية بسبب الفقر الذي اجتاح بعض الجماعات فأطلق عليهم مسمى الصعاليك في الأدب العربي". ومثال على ذلك، شخصية روبن هود الذي يهدف لسرقة الأغنياء لإطعام الفقراء. كما عبر "أنّ أدب الجريمة يعمل على تحويل الجريمة إلى فضاءات نصية سردية مفعمة بالتشويق والإثارة بحيث تكون النهاية منطقية". من روادها: الكاتب الفرنسي فولتير، والمؤلف الأمريكي إدغار آلان بو، والكاتب الاسكتلندي آرثر كونان دويل مؤلف شخصية شارلوك هولمز، بالإضافة إلى الكاتبة الإنجليزية أغاثا كريستي التي تحولت أغلب أعمالها إلى نصوص سينمائية.

يتعمق عسيري بأدب الجريمة، فيعرف مفهوم الرواية البوليسية الذي يرتبط بالجريمة التقليدية كالسرقة والقتل لكنها تواكب تغيرات الزمن فتشمل بذلك غسيل الأموال والتهريب. كما أشار إلى أن "مفهوم الجريمة مرتبط بالمفهوم الأخلاقي والاجتماعي والشرعي والقانوني لزيادة التشويق الذي يحفز التفكير الإنساني، فيخلق بنية نظام متحرك من حيث الأفكار والأحداث. وبالتالي يساعد على إتمام العملية الإبداعية، فالتشويق عنصر أساسي".

واختتم حديثه بالتركيز على العناصر الأربعة في بناء الرواية البوليسية: "الجريمة والتحليل والبيانات والحل".

نبذة...

المؤلفة الكندية كيه جيه هاو، ألفت عدة كتب آخرهم ’وسيط الحرية‘ و’سكاي جاك‘. الرواية الأولى مرشحة لجائزة Thriller and Barry. كما تستلم إدارة مهرجان أدب التشويق، الذي يتخذ من ترونتو مقراً له. وحالياً تعمل على كتابة رواية جديدة تتمة للسلسلة تأخذ مجراها في سوريا.

الدكتور السعودي أحمد حسين عسيري، حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع ومتخصص في علم الجريمة. عضو في نادي تبوك الأدبي، وجمعية الثقافة والفنون، وجمعية المكتبات العامة في السعودية. له من الكتب ’اتجاهات الموظفين نحو الرقابة الخارجية‘ ومجموعة القصص القصيرة "النوارس".