← Back Published on

القلق البيئي في تزايد وحرائق الأمازون تزيد الأمر سوءاً

"ن70% من  الأمريكيين يعانون من التوتر والقلق بشأن الآثار المحتملة لتغير المناخ. ومستوى القلق يزداد على الصعيد العالمي"، هذا ما كشفته إحصاءات أصدرتها جامعة ييل الأمريكية، عام 2018. كما أشارت الجمعية الأمريكية لعلم النفس في تقريرٍ لها، بعنوان "الصحة العقلية ومناخنا المتغير"، لأوّل مرّة إلى مصطلح "القلق البيئي"، معرّفةً إيّاه بأنه "حالة من الخوف المزمن من تدمير البيئة".

وينظر الكثير من خبراء الصحة النفسية إلى القلق البيئي على أنّه "رد فعل طبيعيّ يدل على الوعي بالمشاكل والمخاطر التي يمكن أن تنجم عن تغير المناخ والتهديدات العالمية الأخرى". وعرّفت الأستاذة، في جامعة باث البريطانية وعضو في "تحالف علم النفس المناخي"، كارولين هيكمان، القلق بأنّه "تجربة إنسانية طبيعية يمرّ بها الإنسان لأسباب كثيرة منها الخوف من المستقبل وعدم الشعور بالأمان، أو الشعور بالذنب والمسؤولية اتجاه الطبيعة والأرض نتيجة الخراب الحاصل".

وفي الشهر الماضي شهدت وسائل التواصل الاجتماعي حالة قلق وخوف وغضب، حين لفت عددٌ من النجوم كمادونا وليوناردو دي كابريو نظر الرأي العام إلى حرائق الأمازون. وباشر ناشطون بتداول صور ومقاطع فيديو مرفقة بعناوين "مقلقة"، حسب وصف المشاهدين، مثل "رئة العالم تحترق" و"كارثة بيئية ضخمة تضرب غابات الأمازون". بالإضافة إلى انتشار وسم #صلوا_من_أجل_أمازونا وغيره، على موقع "تويتر".

وذكر موقع ال"بي بي سي" أنّ "غابات الأمازون تتعرض لحرائق طبيعية ناتجة عن المناخ الجاف خلال أشهر الصيف، حزيران (يونيو) حتى آب (أغسطس)، من كل عام. وتعتبر الحرائق شكلاً من أشكال التوازن البيئي اللازم لتجديد التربة". لكن في هذا العام، لم تكن الحرائق كالأعوام السابقة، فقد شهدت غابات الأمازون منذ بداية العام حرائق متكررة.

لم يعلم الكثيرون بهذه الحرائق خلال الأشهر الثمانية الماضية، ولم يتم الكشف عنها على نطاق واسع حتى 19 آب (أغسطس). بعد أن أظلمت سماء ساوباولو، إحدى أكبر مدن البرازيل. فاختلط الهواء بالرماد الناجم عن هذه الحرائق، مشكلاً غيوماً سوداء تحجب أشعة الشمس. وحينها بدأت صور السماء المظلمة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لينتبه العالم إلى حرائق غابات الأمازون، التي تُعرف بأنها "رئة العالم".

ووفقاً لإحصاءات المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء INPE، فإنّ "عدد الحرائق وصل إلى 74 ألف حريق، وذلك بارتفاع يقدر بنحو 84% مقارنة بالفترة نفسها في العام الماضي، وهي زيادة مقلقة ومثيرة". وتعود الحرائق لقيام المزارعين وأصحاب المواشي بتطهير الأرض بغية الزراعة والرعي.

لكن بحسب ما نقلته صحيفة "ذا ريو تايمز" البرازيلية، فإن غايتهم الأساسية كانت "إظهار بولسونارو مدى رغبتهم بالعمل ". مما دفع بعض المحافظين إلى اتهام الرئيس البرازيلي جير بولسونارو بتورطه في حرائق الغابات، فقد "خفض الميزانية الحكومية للأمور البيئية، وقلص الدعم المقدم إلى مجتمعات الكفاف الأصلية والتقليدية"، حسبما أفادت مجلة "تايم" الأمريكية.

وعلى إثرها خرج برازيليون إلى الشوارع، في أكثر من 12 مدينة، للاحتجاج على فشل الحكومة في إخماد الحرائق. وأدت هذه الاحتجاجات إلى إغلاق طرقٍ رئيسية في العاصمة برازيليا ومدينة ساوباولو. كما تم تنظيم احتجاجات في باريس ولندن أمام السفارة البرازيلية.

كل الاحتجاجات وردود الأفعال، التي شهدتها ومازالت تشهدها وسائل التواصل الاجتماعي حول مواضيع متعلقة بالبيئة، ناتجة عن زيادة قلق الناس بشأن المخاطرالمترتبة. فالكوارث البيئية لا تؤثر فقط على البيئة والصحة الجسدية للإنسان، بل وعلى صحته النفسية.

وتبين في دراسة أجراها معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا في جامعة كامبريدج أنّ "ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى زيادة أعداد حالات الإنتحار بين 9000 و40000 حالة سنويًّا في كلٍّ من الولايات المتحدة والمكسيك بحلول عام 2050، كما يتسبب في ارتفاع مستويات العدوانية بين الأفراد، ويؤدي إلى انتشار أعمال العنف والصراعات بين الجماعات".

تقول الأستاذة هيكمان أنّ "الكوارث البيئية تُحدث مزيجاً من المشاعر المربكة التي تؤدي إلى الاكتئاب والحزن والغضب واليأس". ويشرح الطبيب النفسي، في مشفى ميدكير بدبي، الدكتور محمد وفيق عيد أنّ "المشاعر المختلطة الناتجة عن الخوف المزمن من الهلاك البيئي تغير نظرة الناس إلى مستقبلهم. فالبعض يقرر عدم إنجاب الأطفال وآخرون يشعرون بالذنب بسبب إنجاب الأطفال والمجىء بهم إلى عالمٍ ملئ بالمشاكل".

ويذكر أن غابات الأمازون تلعب دوراً مهماً في استقرار المناخ العالمي بحسب موقع "دويتش ويل"، وذلك بسبب مساحاتها الشاسعة التي تصل إلى 5.5 مليون كيلومتر مربع، وتشكل 40 % من الغابات الاستوائية في العالم، كما أنها توفر 20% من إمدادات المياه العذبة على الأرض، وتنتج 20% من الهواء الذي نتنفسه. فضلاً عن أنذ هذه المساحات تؤثر من خلال عملية التبخر، على الغطاء السحابي للأرض وتداول تيارات المحيط الهوائية.