ما مصير مستقبلنا بعد كورونا
بعد تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) في أنحاء العالم، أصبح مستقبل البشرية في خطر. وقد أصدرت مدير عام لصندوق البنك الدولي، كريستاليا غورغييفا، بياناً عقب المؤتمر الهاتفي الذي سيقام الخميس القادم، بين وزراء مجموعة العشرين حول حالة الطوارئ عن فيروس كورونا.
وشددت غورغييفا في البيان على أن "البشرية تكبدت خسائر باهظة حتى الآن من جراء جائحة فيروس كورونا وعلى جميع بلدان العالم أن تعمل معاً لحماية شعوبها والحد من الضرر الاقتصادي. لقد حان الوقت للتضامن".
وجاء هذا البيان بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا (كوفيد-19) "جائحة" أي وباءاً عالمياً، فقد انتشر في 195 منطقة بالعالم، بحسب الإحصاءات المحدثة لمنظمة الصحة الدولية.
والإنتشار الواسع للفيروس أوقف الحياة على جميع المستويات، فالمصاب ليس الوحيد الذي يعاني من فيروس كورونا. إذ تأثرت العديد من القطاعات بقرارات الدول، التي تنص على الحجر الصحي لاستحواذ الفيرس. ما دفع عدة شركات لتسريح موظفيها والتخلي عن خدماتهم، محذرةً من احتمالية اختفاء آلاف الوظائف مع الوقت، والذي بدوره سيؤدي إلى زيادة نسبة البطالة في المستقبل.
وتعبر مدير العام لمتاجر كاربيزا للحقائب في دبي، بتول الخاير قائلةً إنه "في البداية بدأنا بتقليص ساعات العمل، ثم قمنا بإجبار موظفينا على أخذ إجازاتهم السنوية غير المدفوعة، وحالياً متاجرنا في محلات دبي التجارية (دبي مول/ مارينا مول) تم إغلاقهم ما دفعنا إلى تسريح عدد من موظفينا لتقليل الأعباء المادية".
ومن أكثر القطعات التي تأزمت، قطاع الطيران والسياحة. فبعد فرض قيود منع السفر شلّت حركة السياحة، فقامت غالبية شركات الطيران بتعليق رحلاتها إلى المناطق الموبوءة كطيران الإمارات وبعضها خفض رواتب موظفيها كشركة الاتحاد للطيران أو استغنى عن موظفيه كشركة الخطوط الجوية الهولندية التي قامت بتسريح 2000 موظف.
ويقول مؤسس ورئيس المنظمة الدولية لخدمات الطياران، منير خليفة، عبر مقابلة هاتفية إن "كل مجالات الطيران والنقل قد تأثرت بسبب فيروس كورونا. والعديد من الشركات بدأت بالإفلاس، فرسوم وقوف الطائرات سعرها خالي وغالبية الشركات يلجؤون إلى القروض. وفي حال عدم تسديدهم للقروض، فللبنك أحقية مصادرة الطائرات".
ويتابع إن "استمر الوضع على هذا المنوال، فسيصبح مجال الطيران بقبضة الدولة. فحالياً الصين استحوذت على ثلاث شركات طيران خاصة وحولتهم إلى قطاع عام لمنعهم من الإفلاس". ويؤكد منير أن مستقبل الطيران يعتمد على المدة التي سيستمر فيها الفيروس بالانتشار، فكلما "زادت المدة زادت الخسائر".
وبسبب تأثر نشاط قطاعات الطيران والسياحة والنقل والتجارة وغيرهم، انخفضت نسبة الطلب على النفط بشكلٍ لم تشهده الشركات النفطية من قبل. فنسبة الخسائر وصلت إلى 80% من نسبة الإنتاج العالمي، أي انكمش سوق الإنتاج النفطي إلى 20 مليون برميل باليوم، مقابل 100 مليون برميل قبل تفشي فيروس كورونا. وتشير التوقعات إلى احتمال تدني الأسعار إلى نحو 17 دولار، وربما في المستقبل إلى أقل من 10 دولارات خلال الربع الثاني من عام 2020، حسبما ذكرته العربية نت.
وقد شهدت أسعار الأسهم العالمية الإثنين الموافق 9 آذار (مارس) من العام الجاري، أسوأ أداء لها منذ الأزمة الاقتصادية التي وقعت عام 2008، ما دفع البعض إلى وصفه بـ"الإثنين الأسود". كما قامت المؤشرات المالية الرئيسية في الولايات المتحدة بالإغلاق، في أول أيام التداول لهل في هذا الأسبوع بخسائر تجاوزت 7%. وذكر صندوق النقد الدولي أن العالم سيعاني من ركود إقتصادي في المستقبل إذا استمر فيروس كورونا بالتفشي.
ويقول طالب الطب البشري في أمريكا، ليث بصبوص إن "الركود الاقتصادي الحاصل أثر على سعر أسهم العملات الإلكترونية التي قمت بشرائها قبل تفشي كورونا. كنت أهدف إلى كسب المال من المتاجرة بهذه الأسهم. ولكن حالياً، بدأت أخسر فقد هبط سعر العملات خلال الشهر الماضي بنسبة 50%-45%، آملاً أن يتحسن الوضع بالفترة المقبلة".
وإلى جانب الخسائر الاقتصادية، ذكر تقرير ل"بي بي سي"، تحت عنوان فيروس كورونا: هل سيتغير شكل العالم بعد الوباء؟ تداعيات أخرى لفيروس كورونا، حيث يرى رئيس منتدى الاقتصاديين العرب، سمير العيطة أن أزمة كورونا لها تداعيات سياسية. ويقول إن "فرض حجر المواطنين والمقيمين فى المنازل وكذلك حالة الطوارئ والأحكام العرفية في بعض البلدان تشكل فرصة غير مسبوقة للاستئثار بالسلطة السياسية قد يجنح إليها بعض قادة الدول".
ويضيف "كما ستفتح مرحلة ما بعد الأزمة فرصة محاسبة سياسية كبيرة حول طريقة إدارة السلطة للأزمة؛ الأمر الذي لا تبرُزه اليوم لكثرة المخاوف".
ويثني السياسي الإجراءات التي تتخذها الإمارات قائلاً إن "الإمارات لها نظرة بتداعيات كورونا السياسية، وقد أثبتت مساندتنها للناس بتوفير الحاجيات اللازمة بلا انقطاع، في وقت تعاني دول من نقص البضاعات. ويتابع "وهي تعمل جاهدة بتخفيف الأعباء المادية عن الناس في ظل هذه الظروف، فقد رفعوا الحظر عن المكالمات الواتس أب المجانية وأوقفوا تفعيل البوابة المروريةبين دبي وأبوظبي."
ويوافقه الرأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون في واشنطن، مأمون فندي، قائلاً إن "شكل مؤسسات الدول من الداخل سيختلف، فهناك دول كثيرة كشف كورونا قدراتها وتحتاج إلى إعادة هيكلة مؤسساتها".
ويذكر أن فيروس كورونا بدأ بالانتشار منذ بداية العام الجاري، من مدينة ووهان الصينية. وقد أدى إلى إصابة أكثر من 400 ألف شخص ووفاة أكثر من 18 ألف شخص. وفي المقابل وصل عدد المتعافين إلى 109 ألف شخص، رغم عدم وجود لقاح أو دواء مخصص له بالتحديد. ومازالت اللقاحات والأدوية قيد الدراسة، وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن اللقاح سيحتاج سنة على الأقل ليصبح متوفراُ.
Post a comment