من مأساة الحرب إلى بناء الغد
على الرغم من أن الحرب شردت آلاف الناس، إلاّ أنّها لم تقف عائقاً أمام أحمد (19 عاماً) في بناء مستقبله وتحقيق رغباته. هذا الشاب الدمشقي الذي قضى طفولته بين حارات الحمدية الضيقة، شهد منذ سنتين مقتل والده (بياع الشاورما) بشظية هاون. وعلى إثرها حمّلته الحرب مسوؤليات جعلت منه رجل بجسد مراهق.
فقبل مقتل والده ببضعة أشهر، تقدم أحمد بطلب منحة لدراسة الصحافة، وتم قبوله في كلية محمد بن راشد للإعلام بالجامعة الأمريكية في دبي، التي تتميز بمَنحِها منح تغطي كافة التكاليف الدراسية للطلاب المتفوقين، شريطة محافظة الطالب على أدائه المتميز. وبذلك ستتسنى لأحمد فرصة مغادرة سورية والتهرب من العسكرية.
لكن مع وقوع الفاجعة، أصبح هو المعيل الوحيد لأمه (خياطة الحارة) وأخويه الصغيرين. شعر أحمد لوهلة بالضياع، فقد وضعته الحياة عند خياريين إمّا أن يبقى مع أمه المكسورة وأخويه ويدير مطعم الشاورما المتواضع أو أن يغادر البلاد ليحقق حلمه. وما كان به إلّا أن اختار دراسته، آملاً بأن تتاح له فرصة عمل يستطيع من خلالها إعالة نفسه وعائلته في دمشق.
علمت إدارة الجامعة، منذ قدومه السنة الماضية، بظروفه المادية فأمنت له الإقامة في الحرم الجامعي والعمل في مكتبة الجامعة مقابل راتب 60 درهم بالساعة. عمل أحمد جاهداً ليؤمن لقمة عيش منها، لكن مع غلاء المعيشة في دبي وتدهور حال عائلته في دمشق، اضطر لمضاعفة عمله خارج الجامعة كنادل ليلي في أحد مطاعم دبي القريبة من الجامعة مقابل 7000 درهم.
واستطاع بذلك تقسيم وتنظيم وقته بين عمله ودراسته. كما أوضح قائلاً ((أستيقظ من الثامنة صباحاً متجهاً إلى دوامي الجامعي الذي ينتهي في الساعة الرابعة ظهراً، ومن ثم أقضي ثلاث ساعات في الدراسة، لأغطي بعد ذلك أربع ساعات في المكتبة، وفي الحادية عشر مساءً أتجه نحو المطعم ولا أعود حتى الساعة الثالثة صباحاً)).
أحمد ليس الطالب الوحيد الذي يضطر للعمل ليؤمن مصروف معيشته في دبي، فالإمارات تشهد تزايد عدد الأهالي الذين يتهربون من دفع أقساط أولادهم الدراسية بسبب غلاء الأسعار وزيادة الضرائب
لم تعد الحرب فقط التي ترغم الإنسان بالعيش في حالة مادية
Post a comment